د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
لْنُفَرِّغ أذهاننا إلى الله عز وجل إذا قدمنا للصلاة، فلا تصل وأنت أحد هؤلاء الذين ذكرهم النبي؟ فمن هؤلاء وكيف نكون من دونهم؟
جائع؟
نائم؟
حاقن[1]؟
أنصحك؟!
لا تُصلِّ!
إن الصلاة صلة بين العبد وربه..
وعلى قدر استيعابنا لهذا الأمر الجلل لا بُدَّ أن يكون استعدادنا..
فلنتهيَّأ باهتمام للقاء مَنْ يعلم السِّرَّ وأخفى..
إنك تقف أمامه في هيئة قد تكون حسنة..
ولكن ذهنك مع مائدة الطعام الشهية..
أو مع سرير وثير تتقلَّب فيه يمينًا ويسارًا!
أو..
في دورة مياه!!
هل يستقيم هذا؟!
أمِنَ الأفضل أن تُصَلِّيَ بهذه الحالة المضطربة؟ أم أن تأخذ ولو قسطًا قليلًا من الوقت تتهيَّأ فيه للقاء الله عز وجل؟
إننا في هذه الأوضاع السخيفة نُعطي زمام عقولنا وقلوبنا للشيطان!
وما أحمق الإنسان عندما يُسَلِّم نفسه طواعيةً للشيطان!
ما أسهل أن ينطلق عقل الإنسان إلى الشرق وإلى الغرب، خاصة إن كان الشيطان يتربَّص به ولا ينساه، والإنسان من طبيعته النسيان، فلا يلبث أن يقع في كمين الشيطان، الذي يسعى دومًا لدفع الإنسان إلى النسيان.. نسيان الخير.. نسيان العبادة.. نسيان الخشوع.. نسيان كل فضيلة.. هذا هو الشيطان الذي حذَّرنا منه خالقه وخالقنا سبحانه وتعالى، وذكر لنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم أنه يسعى لدفعنا إلى النسيان المذموم؛ قال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ}[المجادلة: 19]، وقال: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالمِينَ}[الأنعام: 68]، وقال على لسان فتى موسى عليه السلام: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}[الكهف: 63]، ووصف حال السجين الذي كان مع يوسف عليه السلام فقال: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}[يوسف: 42].. إن الشيطان الخبيث لا يجرؤ أحيانًا على تسفيه الشريعة في عين المؤمنين، إنما فقط يُنسيهم أمرها، فيفعل المرء ناسيًا ما لا يحب فعله أبدًا! وتدبَّر في غواية الشيطان لآدم عليه السلام؛ فقد أنساه أمر ربه بالامتناع عن أكل الشجرة المحرَّمة، فوقع آدم عليه السلام في المعصية؛ لذلك يصف الله عز وجل هذا الموقف فيقول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: 115]. فالنسيان جعل آدم عليه السلام يذهل عن أمر ربه، وبالتالي يقع في المحظور.
فإذا كان الأمر كذلك، والحرب على أشدِّها مع الشيطان، ونحن قريبون من النسيان لأننا من البشر، فلا داعي أبدًا أن نُعطي الشيطان فرصة كبيرة في السيطرة علينا إذا واجهناه وأذهاننا لاهية في عشرات القضايا والمسائل.
فلْنُفَرِّغ أذهاننا إلى الله عز وجل إذا قدمنا للصلاة، وهنا ستكون فرصتنا ممتازة في دحر الشيطان، والتغلُّب على النسيان، فلا ننسى حينئذٍ أننا في حضرة ملك السماوات والأرض!
ماذا علينا أن نفعل؟!
أولًا: لا تُصَلِّ بحضرة الطعام لأنه سيذهب بخشوعك!
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ..»[2]. بل صرَّح في رواية عن عائشة رضي الله عنها بتقديم الطعام على الصلاة في حال اجتماعهما! قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ»[3]. وبدهي أن هذا ينبغي ألَّا يكون متكرِّرًا، فلا يكون موعد عشاء المسلم كل ليلة هو وقت الصلاة فتضيع عليه بذلك صلاة الجماعة!
وبعض العلماء[4] يُرَجِّح حَمْلَ الحديث السابق على المَغْرِب للصائمين؛ لقوله في الرِّواية الأخرى عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ المَغْرِبَ»[5]. والحديث يُفَسِّر بعضه بعضًا, بل في رواية صحيحة يقول: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَأَحَدُكُمْ صَائِمٌ، فَلْيَبْدَأْ بِالْعَشَاءِ قَبْلَ صَلاةِ المَغْرِبِ...»[6]. ومع ذلك فقد قال آخرون -منهم الفاكِهانِيُّ-: ينبغي حمله على العموم؛ نظرًا إلى العلَّة وهي التَّشويش المفضي إلى تَرْك الخشوع, وذِكْرُ المغرب لا يقتضي حصرًا فيها؛ لأنَّ الجائع غير الصائم قد يكون أشوق إلى الأكل من الصائم[7]. وذكر ابن حجر في أن حمْلَهُ على العموم إنَّما هو بالنظر إلى المعنى إلحاقًا للجائع بالصَّائم، وللغداء بالعشاء، لا بالنَّظر إلى اللَّفظ الوارد[8].
وناقش العلماء الأمر الوارد في قوله: «فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ». فقال ابن حجر: حَمَلَ الجمهور هذا الأمر على النَّدْب[9]. وفصَّلوا في ذلك تفصيلات كثيرة، لكن الشاهد في الموضوع هو الاهتمام الشديد بأن يُصَلِّيَ المسلم وهو خالي الذهن؛ حتى يمكن له أن يُحَقِّق الخشوع.
ومن اللطيف أن أذكر هنا الموقف الذي ذكرتْ فيه عائشة رضي الله عنها هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من الفائدة التطبيقية للأمر النبوي، والموقف برواية عن ابن أبي عَتِيقٍ، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أي هو حفيد أخي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. يقول ابن أبي عتيق: «تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ[10] عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدِيثًا، وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً[11]، وَكَانَ لأُمِّ وَلَدٍ[12]..» فواضح أن هناك جدالًا صار بين الرجلين أمام عائشة رضي الله عنها، فوقفت عائشة رضي الله عنها مع حفيد أخيها ابن أبي عتيق ضدَّ ابن أخيها القاسم، وقالت: «مَا لَكَ لَا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ، هَذَا أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ»!
لقد رأت عائشة رضي الله عنها أن الحقَّ مع ابن أبي عتيق، وأن القاسم قد تكلَّم بسوء أدب معه، وأن ابن أبي عتيق لم يُخطئ، وأرجعت عائشة رضي الله عنها ذلك إلى حُسْن تربية أمِّ ابن أبي عتيق له، وسوء تربية أمِّ القاسم له.. فماذا كان ردُّ فعل القاسم؟!
لقد غَضِبَ القاسم من عمَّته عائشة رضي الله عنها، بل وَأَضَبَّ عليها، أي حقد عليها!
ثم جاءت عائشة رضي الله عنها بطعام لهما.. يقول ابن أبي عتيق: فَلَمَّا رَأَى القاسم مائدة عائشة رضي الله عنها قد أُتِيَ بِهَا قَامَ، (أي قام غاضبًا لا يُريد أن يأكل)، قالت عائشة ل: أَيْنَ؟ قال: أُصَلِّي. قالت: اجْلِسْ. فرفض وقال: إِنِّي أُصَلِّي. قالت: اجْلِسْ غُدَرُ[13]، إنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ»[14]!
وعائشة رضي الله عنها قالت له: يا غادر. لأنَّه مأمور باحترامها; لأنَّها أمُّ المؤمنين، وعمَّته، وأكبر منه، وناصحة له ومؤدِّبة, فكان حقُّه أن يحتملها ولا يغضب عليها[15].
والشاهد من القصة أن عائشة رضي الله عنها قد منعته من اللحاق بصلاة الجماعة لكون الطعام قد حضر، وذكرت الحديث النبوي الذي استنبطت منه الحُكْم، ولعلَّ هناك حكمة خفيَّة أخرى في ذهن عائشة رضي الله عنها دفعتها إلى منع القاسم من الخروج إلى الصلاة، وهي أنها لا تُريده أن يخرج إلى الصلاة وهو غاضب منها، فهذه معصية لا تُريدها له، وهو لن يخشع في صلاته بل سيظلُّ ذهنه منصرفًا إلى الموقف الذي حدث في بيتها، كما أنها يمكن أن تُلاطفه على الطعام فتخفِّف من حِدَّة غضبه، والله أعلم.
ثانيًا: لا تُثقل من الطعام قبل الصلاة!
فكما أن الجوع قد يُذهب الخشوع، فإن امتلاء البطن يُذهبه كذلك! والواقع أن امتلاء البطن شرٌّ كبير! وقد ذكر لنا ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم بوضوح، فقال -فيما يرويه مقدام بن معدي كرب رضي الله عنه -: «مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»[16]. بل في رواية يقول: «.. فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ..»[17]! فالصياغة واضحة في الحضِّ على تقليل الطعام جدًّا؛ فالأصل أن يكون الطعام أقلَّ من ثلث البطن، فإن غلبت الإنسانَ شهوتُه فإنه يُسمَح له أن يملأ ثلثَ بطنه بالطعام! وهذا حتى يظلَّ ذهنُه حاضرًا في بقية أمور حياته، ومنها الصلاة.
ومن هنا فهذا الاقتصاد في المأكل أوجب إذا كانت الصلاة قريبة، وخاصة إذا كانت الصلاة طويلة كصلاة التروايح؛ لذا أنصح المسلمين في شهر رمضان، أو في أيام صيام النفل طوال السنة أن يُفطروا على تمرات قليلة، ثم يُصلُّون المغرب جماعة، ثم يتناولون إفطارًا خفيفًا غير دسم، ثم يُصَلُّون العشاء والتروايح، وبعدها إن أرادوا أن يزيدوا في الطعام في توازن فلا بأس.. كما أنصح المسلمين ألا يأكلوا قبل النوم أكلًا كثيرًا؛ لأن هذا يُدخلهم في نوم ثقيل، وغالبًا ما يكون نومًا مضطربًا ذا أحلام مزعجة! وهذا يُؤَثِّر على قابليتهم للاستيقاظ المبكِّر، وبالتالي تفوتهم صلاة القيام؛ بل قد يفوتهم الفجر نفسه!
ثالثًا: لا تُصَلِّ وأنت حاقن!
والحاقن هو الذي يرغب بشدَّة في قضاء الحاجة؛ سواء البول أو الغائط (البراز)، لكنه يمنع نفسه من ذلك؛ لكي لا يتوضَّأ من جديد! وهذا أمر منهي عنه فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ»[18]. والأخبثان هما البول والغائط، والنهي هنا نهي للكراهة في الغالب[19]، بمعنى أن المسلم الذي صلَّى في هذه الظروف تُعتبر صلاته صحيحة، وليس عليه أن يُعيدها، لكن أين الخشوع؟! إنَّ تركيز المصلِّي في هذه الحالة يكون في أغلبه مع منع خروج ريح، أو منع قطرات بول، والعقلُ مسكينٌ! لا يستطيع أن يُفَكِّر في عدَّة أشياء في وقت واحد، ومسألة قضاء الحاجة صارت مسألة ماسَّة ومُلِحَّة في هذه الحالة؛ ولذلك يُرَكِّز العقل فيها تمامًا، وينسى كلَّ ما يتعلَّق بالصلاة، فأيُّ خشوع في صلاة كهذه؟! لهذا قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «مِنْ فِقْهِ المَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ، حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ»[20]. وهي نظرة راقية من أبي الدرداء رضي الله عنه لفقه الرجل، فليس الفقيه مَنْ حمل في ذهنه كمًّا هائلًا من المعلومات؛ إنما الفقيه الذي يبحث عن معاني العبادات، ويحرص على الخشوع، ويُخَطِّط له، فما أعمقه من فقه!
رابعًا: لا تُصَلِّ وقد غلبك النعاس، إلاَّ أن تكون صلاة مكتوبة[21]:
فالغرض من الصلاة أن تَتَّصل بالله عز وجل، فالصلاة صلة! فكيف تفعل ذلك وأنت شِبْهُ نائم؟! إنك لن تفقد الخشوع فقط، بل قد تُخطئ في صلاتك خطأً جسيمًا، وهذا الخطأ قد يُذهب الصلاة ويُضَيِّعها إن كان في أركانها، أو قد يقود إلى ذِكْرٍ أو دعاء ضارٍّ بالإنسان! كأن يدعو على نفسه مثلًا! ولا يقولنَّ أحدٌ إن الله سبحانه وتعالى لن يستجيب للدعاء ما دُمْتُ لم أقصد؛ فإن الصلاة في حال النعاس فيها عدم اكتراث، وهذا يستوجب عتابًا أو عقابًا، كما أن هناك نهيًا مباشرًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيام بمثل هذا الأمر؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ»[22]. ومعنى يسبُّ نفسه أي يدعو عليها[23]، وذكر ابن حجر في فتح الباري أن لهذا الحديث قصة[24]، وهي قصة الصحابية الجليلة الحولاء بنت تُوَيْت رضي الله عنها، وذلك أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْ عروة بن الزبير أنَّ الحولاء بنت تُوَيْت بن حبيب بن أسد بن عبد العزَّى مرَّت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: هذه الحولاء بنت تُوَيْتٍ، وَزَعَمُوا أنَّها لا تنام اللَّيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنَامُ اللَّيْلَ؟! خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ! لَا يَسْأَمُ اللهُ حَتَّى تَسْأَمُوا»[25]. ثم ذكر الحديث الذي أمر فيه الناعس أن يرقد.
ومن أجل هذا السبب منع رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها من مواصلة القيام عند الشعور بالنعاس أو التعب الشديد؛ فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبلٌ ممدودٌ بين السَّاريتين، فقال: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فَتَرَتْ[26] تَعَلَّقَتْ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ»[27].
فانظر إلى روعة الإسلام الذي لا ينظر إلى الأشكال ولكن إلى المعاني، ولا يكترث بالهيئة ولكن بالروح، ولا يبحث عن الجهد المضني ولكن عن الخشوع العميق!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الحاقنُ: الذي له بولٌ شديد، وفي الحديث: «لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو حاقِنٌ». انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة (حنق) 13/125.
[2] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال... (560)، وأبو داود (89)، وأحمد (24212)، وابن حبان (2073)، وأبو يعلى (4804)، والحاكم (599)، والبيهقي: السنن الكبرى، (4805).
[3] البخاري: كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، (640)، واللفظ له، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، (557).
[4] انظر: جمال الدين الحنفي: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار 1/103، وقال الكشميري: وفي «مشكل الآثار» أنه في حقِّ الصائم، وفي صلاة المغرب خاصةً. انظر: فيض الباري على صحيح البخاري 2/262، والحطاب الرعيني: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 1/392.
[5] البخاري: كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، (641)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال... (557).
[6] ابن حبان: كتاب الصلاة، باب فرض الجماعة والأعذار التي تبيح تركها (2068)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح. والطبراني: المعجم الأوسط، (5075)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد، 2/176، وصححه الألباني، انظر: التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، 3/459.
[7] انظر: ابن حجر: فتح الباري، 2/160، والمباركفوري: تحفة الأحوذي، 2/280.
[8] ابن حجر: فتح الباري، 2/160.
[9] المرجع السابق نفسه.
[10] القاسم هو القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق t، أي ابن أخي أم المؤمنين عائشة ل.
[11] أي كثير اللحن والخطأ في كلامه، وهي صفة غير محمودة، حيث تُفضي إلى الجدل والخصومة. وفي رواية: لَحَنَة: وهو الذي يُلْحِن الناس؛ أي: يُخَطِّئهم. انظر: ابن قرقول: مطالع الأنوار على صحاح الآثار 3/421.
[12] أي كانت أمُّه أَمَةً وليست حرَّة.
[13] أي يا غادر.
[14] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال... (560)، واللفظ له، والبيهقي: السنن الكبرى، (4816)، وذكر متن الحديث دون القصة: أبو داود (89)، وأحمد (24212)، وابن حبان (2073)، والحاكم (599).
[15] النووي: المنهاج، 5/47.
[16] الترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل (2380)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي: السنن الكبرى، (6769)، وابن ماجه (3349)، وأحمد (17225)، وابن حبان (674)، قال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. والحاكم (7945)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والطبراني: المعجم الكبير، (17400).
[17] ابن ماجه: كتاب الأطعمة، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع (3349)، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن ابن ماجه 3/137 (2720).
[18] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال... (560)، وأبو داود (89)، وأحمد (24212)، وابن حبان (2073)، وأبو يعلى (4804)، والحاكم (599)، والبيهقي: السنن الكبرى، (4805).
[19] ذهب الحنفية والحنابلة -وهو رأي للشافعية- إلى أن صلاة الحاقن مكروهة، وقال الخراسانيون وأبو زيد المروزي من الشافعية: إذا كانت مدافعة الأخبثين شديدة لم تصح الصلاة. وأخذ بظاهر الحديث أصحاب الرأي الثاني فحملوه على الفساد، أمَّا المالكية فقد ذهبوا إلى أن الحقن الشديد ناقض للوضوء، فتكون صلاته باطلة. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، 2/84، 85.
[20] ذكره البخاري في ترجمة باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، كتاب الجماعة والإمامة. وابن المبارك: الزهد والرقائق 1/402، ومحمد بن نصر المروزي: تعظيم قدر الصلاة 1/185، وقال ابن حجر: أثر أبي الدرداء وصله ابن المبارك في كتاب الزهد، وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم قدر الصلاة من طريقه. انظر: فتح الباري 2/159.
[21] قال النووي: باب أَمْرِ مَنْ نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد؛ حتى يذهب عنه ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ...» إلى آخره، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يُخرج فريضة عن وقتها. قال القاضي: وحمله مالك وجماعة على نفل الليل؛ لأنه محل النوم غالبًا. النووي: المنهاج، 6/74.
[22] البخاري: كتاب الوضوء، باب الوضوء من النوم ومَنْ لم يَرَ من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءًا، (209)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أمْرِ مَنْ نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد، (786)، واللفظ له.
[23] انظر: ابن حجر: فتح الباري، 1/315.
[24] انظر: ابن حجر: فتح الباري، 1/315.
[25] البخاري: أبواب التهجد، ما يكره من التشديد في العبادة، (1100)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أَمْرِ مَنْ نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد، (785)، واللفظ له.
[26] فترت: كسلت عن القيام في الصلاة. ابن حجر: فتح الباري، 3/36.
[27] البخاري: أبواب التهجد، ما يكره من التشديد في العبادة، (1099)، واللفظ له، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب أمْرِ مَنْ نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد، (784).
◄◄ هذا المقال من كتاب كيف تخشع في صلاتك للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك