ملخص المقال
خلف أسوار السجون قصة قصيرة بقلم ثامر سباعنه، يتناول فيها قصة أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي![خلف أسوار السجون](https://www.islamstory.com/index.php/images/upload/content/17795_image002.jpg)
أسير في سجون الاحتلال...
جاءني هذا الصوت من بعيد يهتف بي قائلاً:
... حلق... حلق... حلق هيا قم وحلق، واترك هذا الجسد المكبل بالقيود.. دع ليلهم المظلم... لا تتعثر بالصخور وتقع بالحفر.. حلق.
قاوم الإعياء... كسر السلاسل.. حلق عاليًا.. حارب الوجع.. القهر.. الحزن.. الألم وحلق.
لملم أشلاءك المتناثرة في زنزانتك النتنة وحلق... اجمع ما تبقى لك من كرامة.. وحب.. وأمل وحلق.
تمرد على سجانك... على قيدك.. على أسوار سجنك... على جدران وطنك السليب... على معابر أرضك المحاصرة وحلق.
حاولت أن أجمع أفكاري، وأتأكد أني لا أحلم, بدأت أبحث حولي علني أجد مصدر الصوت!!!
عاد ذلك الصوت يهتف بي: لتمتلئ نفسك بالراحة وقلبك بالسكينة أيها المقاتل الشجاع والإنسان الرقيق.. حلق واذهب إلى حريتك.. إلى جرحك.. حلق واذهب إلى محبوبتك.. حلق واذهب إلى أمك لتجد الابتسامة طريقها إلى شفتيك، ولتجد الفرح أمامك... ولتعطر أيامك برائحة الياسمين والنعناع.
حلق واذهب إلى محبوبتك علها تداوي جراحك، وتعيد لجسدك الهزيل المسربل بالجراح فتعيد له الحب والعشق والأمل، ولتعيد له شموخه.
حلق كالنسر بجناحيه الذهبيتين... حلق عاليًا فوق كل الجراح والآلام.. حلق بكل فخر رافعًا رأسك بكل عنفوان.. اترك لون الجرح الأحمر ولون القيد الأسود، وارسم بلون الفجر الأبيض ولون الأمل الأخضر، وارسم لوحة للفجر والحرية... ارسم لوحة للوطن.
حلق عاليًا.. عاليًا.. عاليًا.
عانق السحاب.. لا.. بل عانق النجوم.
حلق واترك هذه الأرض... التي هي سجنك.. التي هي أرضك.. وحلق إلى أرضك... إلى بيتك... إلى وطنك.
لكني تساءلت: عن أي وطن يتكلم؟ عن أي أرض يتحدث؟
فصرخ بي الصوت قائلاً: حلق إلى وطنك الواحد الذي لم تقسمه الحدود، أو الجدران، أو الحواجز...
إلى وطنك الواحد الذي لم يمزقه صراع الأخوة.
صحت بهذا الصوت المجهول: لكن الألم يكبّلُ جسدي... إني أعجز عن التحليق!!!
فعاد ذلك الصوت يخاطبني بحنان: تتشابه ألوان لوحتك.. الأحمر جرح... والأحمر للحب... وفي السجن ما أشبه الجرح بالحب.
قم وحلق فوق دمعة القهر التي تحبسها عينك، وتدمي قلبك.
تذكر دائمًا أن اللحظة التي يبلغ الألم ذروته لا يصبح الألم ألمًا، إنما يصبح شيئًا آخر لا يشعر به إلا الذي عاشه... وفي السجن كم من مرة تعيشه! وكم من مرة تذوقه!
سالت الدمعة من عيني وقلت: لمن أعود وقد اقتتل إخوتي، واختلفوا وزرعوا وطني حدودًا وسجونًا!!
رد الصوت: ما زال وطنك واحدًا وإن فرقته الحواجز، وما زال شعبك واحدًا وإن توزعت دماؤه.. أخوك هو أخوك، وأرضك هي أرضك.. فعد إليها وازرع الزهور.
صرخت من داخلي مخاطبًا ذلك الصوت: ماذا أفعل؟! كيف أحلِّق؟!!!
عاد إليَّ الصوت يحثني: هيا أيها الفارس الشجاع.. أيها الفارس العاشق.. مد ذراعيك كالنسر وحلق.
اجعل من جرحك جناحًا، ومن حبك جناحًا آخر، وحلق عاليًا مبتعدًا.. ولا تنظر إلى أسوار سجنك فإنها حتمًا ستنهار.
التعليقات
إرسال تعليقك