ملخص المقال
ما زال الكثير من الكتاب الذين وضعتهم إيران لتلميع مواقفها الكلامية يحاولون عبثا دون أي طائل.. فما حقيقة إيران؟ وما حقيقة عبد الباري عطوان؟
تنكشف الحقائق واحدة تلو الأخرى مؤكدة وجود صلات وطيدة بين نظام الآيات في طهران وبين الدول الغربية والصهاينة، والتي بيَّن بعضًا منها كتاب "حلف المصالح المشتركة" للدكتور ترينا بارسي[1]، ومن ضمن ما جاء في هذا الكتاب بأن خطاب إيران الموجه ضد إسرائيل كان مجرد خطاب، كلام يعني! بقوله:
"كانت إيران حريصة على عدم ترجمة هذا الخطاب إلى أفعال ملموسة؛ لأن إيران لا تتحمل الدخول في مواجهة مع الدولة اليهودية في غمرة حربها مع العراق.. في هذا الصدد، قال لي وزير الخارجية الإيراني السابق عباس مالكي: كان صناع السياسة الإيرانية أذكى من أن يجعلوا من إسرائيل خطرًا مباشرًا على إيران؛ لأنه في ذلك الوقت كان العراق هو الخطر"[2].
ولليوم ما زالت إيران في خطاباتها الموجهة ضد الغرب مجرد خطابات لم تتحول أبدًا إلى أفعال ملموسة، بينما على أرض الواقع تعاون وثيق بينها وبين الغرب، أدى إلى إسقاط كابول وبغداد بيد الاحتلال الأمريكي وبتعاون إيراني كما صرَّح به الرئيس الإيراني نجاد، ومن ثَمَّ تم تسليم العراق لإيران، بينما كان مصير تهديدهم للغرب حروب كلامية، خسرت فيها الآيات في طهران خسارة نكراء بعد تراجعها عن كل تهديداتها التي هددت بها بما يتعلق بمضيق هرمز.
بينما ما زال الكثير من الكُتَّاب الذين وضعتهم إيران لتلميع مواقفها الكلامية، يحاولون عبثًا دون أي طائل؛ لأن الحقائق على الأرض كانت أكثر وضوحًا، بحيث عجز أذناب إيران عن طمسها، ومن هؤلاء واحد من دهاقنة الدولار القذافي والذهب الإيراني والليرة السورية، وهو الكاتب "عبد الباري عطوان" الذي يصر في كل مقال له بأن يُلبِّس الحق بالباطل، ويلبِّس الباطل بالحق، ويكتم الحق ويضل عن سواء السبيل..
حيث كتب مقالاً بداية هذا العام بعنوان "عام الحرب على إيران"، تنبأ فيه بعد أن يكون العام الحالي عام إيران ومشروعها النووي، بعد أن كان العام الماضي عام الثورات العربية. ثم عاد لينفخ في موقف إيران وتهديها بإغلاق مضيق هرمز في مقال كتبه بعنوان "رسالة من مضيق هرمز" وهو في سلطنة عمان قبل أن تتراجع إيران عن كل تهديداتها، صال فيه وجال، ونفخ فيما ذهبت إليه الآيات في إيران من تهديد ووعيد، وأنهم لا يكررون كلامهم مرتين، ناصحين حاملة الطائرات الأمريكية التي خرجت من المضيق بعدم العودة إلى الخليج العربي، دون أن يدرك أن الغرب قد كسر رقبتهم، وتحدى تهديدهم، ولم ينبسوا ببنت شفة! بينما كانوا يقومون بإغراق سفنهم أمام هذه السفن المتحدية، في الوقت الذي يسمح لهم ولروسيا بإمداد المجرم الأسد بكل أنواع الدعم، من السلاح إلى المال إلى الرجال..
فاستغل مقالاً كتبه الصحافي الأمريكي "ديفيد اغناطيوس" في عموده في صحيفة "الواشنطن بوست"، جاء فيه تخوُّف وزير الدفاع الأمريكي "ليون بانيتا" من أن تقوم إسرائيل بشن هجوم على إيران بين شهري إبريل ويونيو المقبلين، ليكتب عطوان مقالاً يغطي خزيه وذلّه وعاره بعد أن انكشف كذب الآيات في إيران، ووضعت أنوفهم في الرمال، وتبين كذبهم، وأنهم كانوا كاذبين في ادعائهم غلق مضيق هرمز! بل ووصل الأمر بهم إلى اعتبار مسألة دخول هذه السفن قديمة، وأنهم لن يعترضوها أبدًا، كما جاء على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني "حسين سلامي" نقلاً عن وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا" يوم السبت 21 يناير/كانون الثاني 2012م، جاء فيه:
"إن السفن الحربية والقوات العسكرية الأمريكية تتواجد دائمًا في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط منذ زمن بعيد، ومن هذا المنطلق، فإن قرار إرسال سفن جديدة إلى المنطقة ليس موضوعًا جديدًا، إن هذا الإجراء ينظر إليه في إطار التواجد الأمريكي المستمر في المنطقة".
وقد استغربتُ كثيرًا أن يكون عطوان قد اختار مقاله الذي حمل عنوان "إسرائيل تهدد وإيران تتحدى"، بينما كنتُ أتوقع أن يكون مقاله عن كيف نكثت إيران بتهديدها، وأخذت تغرق السفن واحدة تلو الأخرى أمام البوارج الغربية! حتى وصل عدد السفن التي أنقدتها البحرية الأمريكية إلى ثلاث سفن إيرانية منذ اشتعال الحرب الكلامية حول هرمز، ولكنه أصر على التضليل والخداع ليكون عنوان مقاله الجديد التحدي الإيراني! متناسيًا أن تكون هذه الحرب الكلامية تدور بين الطرفين منذ أكثر من عشر سنوات، بينما تربط بعضهم ببعض علاقات متينة، كان آخرها فضيحة "عوفر كيت"، التي كشفتْ عن علاقات تجارية متينة بين اليهود وإيران منذ أكثر من خمس عشرة سنة، تُرسل فيها البضائع إلى إيران من الصهاينة، بدءًا من البرتقال إلى مواد المشروع النووي، وأدت إلى مقتل "عوفر" الملياردير اليهودي لانكشاف هذه العلاقة التجارية..
بل وتم تسليم العراق هدية على طبق من ذهب لحليفتهم إيران؛ تقديرًا لجهودهم التي بذلوها هم وحلفاؤهم في سوريا ولبنان من حماية لحدود الصهاينة، ووصل الأمر أيضًا بالأمم المتحدة التي رفع إليها الملف السوري؛ حيث كان مؤملاً أن يكون القرار الأممي مطالبًا "بشار" بالتنحي وتسليم الأمر لنائبه الأول، ولكن الملف السوري أعيد إلى المربع الأول من البنود الخمسة التي أقرتها الجامعة العربية منذ أكثر من خمسة أشهر، وهي وقف العنف وإطلاق سراح المساجين والسماح بالتظاهر وإدخال الإعلام..
واليوم تحاول روسيا أن تأخذ قرارًا بتجريم الجماعات المسلحة داخل سوريا، والطلب من المعارضة في الخارج عدم تقديم الدعم لهذه الجماعات؛ خدمةً لهؤلاء العملاء ومباركة لجهودهم وتفانيهم في العمالة!! بينما يصر عطوان على "تلميع" هؤلاء الخونة، دون أي اعتبار لما يجري على أرض الواقع، والتشبُّث بالمهاترات الكلامية لا أكثر!!
ولا بأس هنا أن نذكر لعطوان التهديد الأخير الذي صدر من قبل الصهاينة لحليفتهم إيران، بشأن هجوم على مشروعهم النووي، وتناقلته وسائل الإعلام الأمريكية واليهودية والعربية منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، حيث نقل تخوف مسئول سابق في الـ"سي سي ايه" من قيام إسرائيل بشن هجوم على إيران في سبتمبر/أيلول القادم بهدف تدمير منشآتها النووية!
وزعم صاحب هذا التحذير بأن هذا التهديد حقيقي هذه المرة وفعليّ، وليس بخدعة جديدة من قبل "بنيامين نتنياهو"، الذي يستعد لشن الهجوم على الأرجح قبل تصويت الأمم المتحدة على عضوية الدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل، وذلك بحسب المسئول الأمريكي.
وكان الرد الإيراني عنيفًَا كردّ اليوم، وهو نفس ما يحدثُ كل عام يا سيد عطوان من الكلام الفارغ والتهديد والوعيد! أيقظتك على هذا الواقع ثورة الشعب السوري البطل بداية ثورتهم، ثم عُدْتَ إلى ممارسة الخداع مقابل "حفن" الأموال التي تُدفع لك، دون أي اعتبار لما يجري على أرض الواقع.
وأدعوك إذا بقي لديك شيء من الضمير لتحكمه، لعلك أن تدرك أن تهديد اليوم هو نفس تهديد الماضي، بل ونفس تهديد العشر سنوات الماضية، والذي سمعناه مئات المرات، والثورة السورية لن ترحم أحدًا، وقد أسقطت الأقنعة جميعها.
التعليقات
إرسال تعليقك