جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
من يرد أي شيء من أمريكا عليه أن يمر على تل أبيب، هذه هي إحدى الأبجديات التي يحرص عليها اللوبي الصهيوني.. فماذا يفعل سلفاكير في تل أبيب؟ وما أهداف زيارة
"من يرد أي شيء من أمريكا عليه أن يمر على تل أبيب".. هذه هي إحدى الأبجديات التي يحرص اللوبي الصهيوني علي ترسيخها في السياسة الأمريكية، حتى أصبح على أي دولة ترغب في نيل الرضا الأمريكي السامي أن يزور قادة (إسرائيل)؛ لتقديم فروض الولاء والطاعة، ومن ضمنها زيارة متحف "ضحايا المحرقة النازية"!!
لو فهمنا هذه القاعدة فسوف نفهم بسهولة سر الزيارة المفاجئة التي بدأها رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، الثلاثاء 20 ديسمبر 2011م إلى تل أبيب قادمًا من الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه كانت هناك تسريبات أن نتنياهو سيزور الجنوب، ولكنه عدل عن هذا لأسباب أمنية، فقرر سلفاكير أن يذهب بنفسه.
خطورة هذه الزيارة ليست في تدشينها تحالف (عبري- جنوبي- كنسي غربي) ضد الخرطوم، وإنما -كما قال لي د. ربيع عبد العاطي القيادي في حزب المؤتمر الوطني السوداني- في أنها ستحوِّل جنوب السودان "إلى صورة مصغرة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية والغربية في إفريقيا".
ما يظهر من قمة جبل جليد هذه الزيارة هو ما يشاع عن بحث مشكلة تهريب اللاجئين الجنوبيين إلى الدولة الصهيونية، وما قاله نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون عن إقامة تعاون في "العلاقات الاقتصادية، والزراعة، والمياه، والطاقة، وأكثر من ذلك".. ولكن أسرار هذه الزيارة تدور حول الأدوار المطلوبة من دولة جنوب السودان في الإستراتيجية الصهيونية والأمريكية مقابل مدها بخبراء وخبرات تكنولوجية غربية وصفقات سلاح.
بل إن الحاجة لهذا التحالف الصهيوني مع دولة إفريقية مسيحية أصبحت أكثر إلحاحًا بعد الربيع العربي، وفقْد تل أبيب حلفاءها العرب في المنطقة، ومن ثَمَّ بحثها عن حلفاء جدد في إفريقيا، والأهم بهدف تشكيل حزامٍ ضدَّ هذا التكتل الإسلامي الصاعد في مصر وشمال إفريقيا على غرار الحزام الذي سعت أمريكا والغرب لتحزيم السودان به من جهة الغرب (دارفور)؛ لمنع تمدد "الإسلام العربي" -كما يسمونه- إلى غرب إفريقيا حيث مناطق النفوذ الغربية والنفط!
وهو أمر اعترف به مسئول كبير في الحكومة الإسرائيلية لصحيفة "جيروزاليم بوست" 4 ديسمبر الجاري عندما قال: "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أصدر تعليمات لحكومته بضرورة تعزيز علاقات (إسرائيل) بدول غير مصر وتركيا؛ لمواجهة تنامي الإسلاميين في مصر والدول العربية، ولتعويض خسارة الأنظمة الصديقة التي أسقطتها الثورات في الدول العربية. واختاروا التحالف خصوصًا -كما قالوا- مع دول مسيحية مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا وتنزانيا ونيجيريا وجنوب السودان.
وتسعى الدولة الصهيونية أيضًا لاستثمار تعزيز علاقتها مع جنوب السودان في إقناع الجنوب -حسبما ألمح المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية السابق "ألون ليئيل"- للتصويت ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية الوليدة باعتبار أن (إسرائيل) تبذل جهودًا كبيرة لضمان معارضة من 30 إلى 40 دولة لإعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، قائلاً: (حال صوتت جنوب السودان ضد الدولة الفلسطينية سيرقص "إسرائيليون" هنا في الشارع).
من الواضح أن زيارة سلفاكير إلى تل أبيب والتي تأتي استباقًا لزيارة تاريخية يقوم بها نتنياهو لعدد من دول القارة الإفريقية (الكونغو، وأوغندا، وإثيوبيا، ودولة جنوب السودان) سيكون لها تأثير سلبي على الخرطوم ومصالح السودان في الجنوب خاصة (مياه النيل)، أي في حال ارتباط هذه الزيارات بمياه النيل وإنشاء دفاع مشترك بوضع جيوش إسرائيلية على الحدود بين البلدين، أو تدخُّل (إسرائيل) في الحدود بين الدولتين؛ فالعداء بين إسرائيل والسودان كبير بسبب تبني الأخير مشروعًا حضاريًّا قوميًّا عربيًّا إسلاميًّا.
وفي وقت سابق زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى دولة جنوب السودان؛ لبحث آفاق العلاقات بين البلدين، حيث اتفقا على تبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما، وأكد رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت للوفد الإسرائيلي إنشاء سفارة لدولة جنوب السودان في (إسرائيل)، واعتبر ذلك شأنًا يخص دولة جنوب السودان ولا يعني حكومة الخرطوم في شيء، إلا أنه نبَّه إلى أنه ربما يكون من وراء التسارع في خطوات التطبيع هذه محاولات للإضرار بالسودان، ولهذا تأجل توثيق العلاقات لحين انفصال الجنوب رسميًّا.
ويشير مراقبون سياسيون إلى أن زيارة سلفاكير إلى (تل أبيب) تأتي في إطار فتح أبواب الاستثمار في دولة جنوب السودان خاصة بعد زيارته إلى العاصمة الأمريكية على رأس وفد رفيع من حكومته لحضور "مؤتمر واشنطن الدولي للاستثمار في جنوب السودان"، الذي تشارك فيه دول أوربية من بينها بريطانيا والنرويج الراعيتان لاتفاق السلام بين الشمال والجنوب الذي أفضى إلى استقلال الجنوب.
الدولة الصهيونية تلعب بالورقة الأخيرة في يدها للحفاظ على ما تبقى لها من نفوذ في المنطقة بالتركيز على إفريقيا حيث النفط ومحابس صنابير مياه مصر والسودان.. فماذا أعددنا للتصدي لها؟
المصدر: موقع فلسطين أون لاين.
روابط ذات صلة:
- الأصابع الخفية .. والعبث بمياه النيل
- إسرائيل .. جنوب السودان وماذا بعد ؟
- انفصال الجنوب .. أنقذوا باقي السودان !
- سلفاكير .. شوكة إسرائيل في خاصرة الأمة !
- جنوب السودان .. والمخططات الصهيوأمريكية
- سلفاكير وإسرائيل.. في مواجهة السودان ومصر
التعليقات
إرسال تعليقك