انتصار عين جالوت .. 15 رمضان
خطة قطز وثبات المسلمين:
اقتضت خطة السلطان قطز أن يخفي قواته الرئيسية في التلال والأحراش القريبة من عين جالوت، وألاَّ يظهر للعدو المتربص سوى المقدمة التي كان يقودها الأمير بيبرس. وما كاد يشرق صباح يوم الجمعة (15 من رمضان 658هـ) حتى اشتبك الفريقان، وانقضت قوات المغول كالموج الهائل على طلائع الجيوش المصرية؛ حتى تحقِّق نصرًا خاطفًا. وتمكنت بالفعل من تشتيت ميسرة الجيش، غير أن السلطان قطز ثبت كالجبال، وصرخ بأعلى صوته: "واإسلاماه!"، فعمت صرخته أرجاء المكان، وتوافدت حوله قواته، وانقضوا على الجيش المغولي الذي فوجئ بهذا الثبات والصبر في القتال وهو الذي اعتاد على النصر الخاطف، فانهارت عزائمه وارتد مذعورًا لا يكاد يصدق ما يجري في ميدان القتال، وفروا هاربين إلى التلال المجاورة بعد أن رأوا قائدهم كيتوبوقا يسقط صريعًا في أرض المعركة[1].ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر، بل تتبعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمعت في بيسان القريبة من عين جالوت، واشتبكوا معها في لقاء حاسم، واشتدت وطأة القتال، وتأرجح النصر، وعاد السلطان قطز يصيح صيحة عظيمة سمعها معظم جيشه وهو يقول: "واإسلاماه!" ثلاث مرات، ويضرع إلى الله قائلاً: "يا الله!! انصر عبدك قطز". وما هي إلا ساعة حتى مالت كِفَّة النصر إلى المسلمين، وانتهى الأمر بهزيمة مدوِّية للمغول لأول مرة منذ جنكيز خان.. ثم نزل السلطان عن جواده، ومرغ وجهه على أرض المعركة وقبّلها، وصلى ركعتين شكرًا لله.
[1]العصامي: سمط النجوم العوالي 2/255.
في صلاة الفجر يوم الجمعة 15 رمضان سنة 1414هـ الموافق 25 فبراير عام 1994م، دخل باروخ المسجد الإبراهيمي والناس سجود لربهم جل وعلا والناس صوام.
وقد وقف جولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد، وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش على المصلين وهم سجود، فيما قام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة التي احتوت رصاص دمدم المتفجر، واخترقت شظايا القنابل والرصاص رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم، وراح ضحية المجزرة 29 مسلمًا مصليًّا صائمًا ساجدًا لله، في خير البقاع وخير الشهور وخير الصلوات، وأصاب العشرات بجروح من بين (500) مصلٍّ كانوا يتعبدون في الحرم الإبراهيمي، واستطاع باقي المصلين أن يفتكوا بباروخ جولدشتاين قبل أن يهرب بجريمته البشعة.
وعند تنفيذ المذبحة؛ قام جنود الاحتلال الصهيوني الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جثث شهداء المسجد، وقد راح ضحية المجزرة نحو 50 شهيدًا قُتِل 29 منهم داخل المسجد.
ولقد تردَّد أن أكثر من مسلح إسرائيلي شارك في المذبحة؛ إلا أن الرواية التي سادت تذهب إلى انفراد جولدشتاين بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهيمي، ومع ذلك فإن تعامل الجنود الصهاينة والمستوطنين المسلحين مع ردود الفعل التلقائية الفورية إزاء المذبحة التي تمثلت في المظاهرات الفلسطينية اتسمت باستخدام الرصاص الحي بشكل مكثَّف، وفي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيدًا فلسطينيًّا أيضًا في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها.
وبعد تنفيذه للمجزرة؛ دُفِن هذا الهالك جولدشتاين في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع، ولا يزال يعامله المستوطنون على أنه قديس؛ حيث أحرز قصب السبق بقتل العشرات من الفلسطينيين بصورة شخصية بالرغم من حصوله على مساندة الجيش والمستوطنين من أحفاد حركة كاخ المتطرفة، ويأتي آلاف المستوطنين من سكان البؤر الاستيطانية داخل وخارج البلدة القديمة في الخليل وهم يرقصون احتفالاً بهذا المجرم، وقد تحوَّل قـبر جــولدشتاين إلى مزار مقــدَّس للمسـتوطنين الصهـاينــة في الضـفة الغربية!.
التعليقات
إرسال تعليقك