الحضارة
سبق وريادة وتجديد
اهتمت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح، فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام دينٌ عالمي يحض على طلب العلم وعمارة الأرض لتنهض أممه وشعوبه، وتنوعت مجالات الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية؛ لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام، وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه، وهذه البوابة تبرز إسهامات المسلمين في مجالات الحياة الإنسانية والاجتماعية والبيئية، خلال تاريخهم الطويل، وعصورهم المتلاحقة.
ملخص المقال
العزَّة والإباء والكرامة من أبرز الخِلال التي نادى بها الإسلام، وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهَّد نماءها بما شرع من عقائد
العزَّة والإباء والكرامة من أبرز الخِلال التي نادى بها الإسلام، وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهَّد نماءها بما شرع من عقائد، وسنَّ من تعاليم.
إن الإسلام حرَّم على الإنسان أن يهون أو يستذلَّ أو يستضعف، ورمى في قلبه القلق والتبرم بكل وضع يخدش كرامته ويجرح مكانته، فقد قال: "مَنْ جَلَسَ إِلَى غَنِيٍّ فَتَضَعْضَعَ لَهُ لِدُنْيَا تُصِيبُهُ، ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَدَخَلَ النَّارَ"[1].
فعلى المسلم أن يتماسك على ما به من ضائقة حتى تنجلي، ولا يبكي على ما فَقَد، ويصيح بالخلق طالبًا النجدة. على أن التألم من الحرمان ليس ضعةً، ولكن تَحَوُّل الحرمان إلى هوانٍ هو ما يستنكره الإسلام.
والعزَّة حقٌّ يقابله واجب، وليس يسوغ لامرئ أن يطالب بما له من حقٍّ حتى يؤدي ما عليه من واجب، والإسلام عندما أوصى المسلم بالعزَّة هداه إلى أسبابها، ويسَّر له وسائلها، وأفهمه أن الكرامة في التقوى، وأن السموَّ في العبادة، وأن العزَّة في طاعة الله.
ومن عزَّة المؤمن ألاَّ يكون مستباحًا لكلِّ طامع، أو غرضًا لكل هاجم، بل عليه أن يستميت دون نفسه وعِرضه وماله وأهله، وإن أُريقت في ذلك الدماء، فإن هذا رخيص لصيانة الشرف الرفيع.
جاء رجل إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ". قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قَاتِلْهُ". قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هُوَ فِي النَّارِ"[2].
لذلك فرض الإسلام على المسلم أن يظلَّ منتصب القامة، مرتفع الهامة، لا تدنيه حاجة، ولا تطويه شدَّة؛ فإنَّ الخوف على الرزق والأجل هما ما يدفع الناس إلى إذلال أنفسهم، وقبول الدنيَّة في دينهم ودنياهم، مع أن الله قد قطع سلطان البشر على الآجال والأرزاق جميعًا، فقال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2].
إن القضاء يصيب العزيز وله أجره، ويصيب الذليل وعليه وزره، فكن عزيزًا ما دام لن يُفْلِتَ من محتوم القضاء إنسانٌ، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8].
التعليقات
إرسال تعليقك