التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
الفن العثماني له تاريخ من الإبداع والتميُّز؛ لما اشتهر فيه جماليات فنون الرسم والخط والمنمنمات والعمارة العثمانية في أطوارها المختلفة.
أسَّس الزعيم التركي عثمان بين عامي (1258-1326م= 656-726هـ) الدولة العثمانية في غربي آسيا الصغرى، وسرعان ما انطلقت لتتوسَّع وتغدو إمبراطورية كبيرة، لها فنها الإسلامي الذي ازدهر في كل أصقاعها منذ فتحها للقسطنطينية عام (1453م=857هـ) حتى سقوطها في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م.
وكان العثمانيون قد ورثوا إمبراطورية السلاجقة في نهاية القرن الثالث عشر، ثم ورثوا الإمبراطورية البيزنطية في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، وأفادوا من التجربتين الفنيَّتين الفارسيَّة والبيزنطيَّة، فاهتموا بالعمارة، وقاموا برعاية الفنون التطبيقية (كالخزف والزجاج والمصنوعات الخشبية والمعدنية والنسيجية ..، بالإضافة إلى فن الخط والمنمنمات والتجليد وغيره) التي وصلت إلى الأسواق المحلِّيَّة والعالميَّة.
مراحل العمارة العثمانية
يُميِّز المؤرخون مرحلتين في العمارة العثمانية وهما:
- مرحلة ما قبل فتح القسطنطينية؛ إذ كان العنصر السلجوقي فيها يحتل الصدارة، وكانت مدينة بروصة (بورصة حاليًّا) المركز الرئيس لمختلف الفعاليَّات الفنية وغيرها.
- مرحلة ما بعد فتح القسطنطينية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى؛ إذ ظهر أسلوب معماري جديد اعتمد على العمارة البيزنطية ككنيسة القديسة صوفيا في القسطنطينية، وتألق فيها نجم عدد من المهندسين المعماريين، مثل خير الدين، ثم سنان وطلابه، وغدت القبة المركزية الكبرى عنصرًا مهمًّا في جمالية العمارة العثمانية، وكان من ثمرات النهضة المعمارية العثمانية تشييد المساجد والجوامع والمدارس والأسواق والخانات والحمامات والقصور والدور والأضرحة وسبلان المياه وغيرها.
وازدهرت فنون الرسم والتصوير والخط والمنمنمات والخزف والزجاج والنسيج والسجاد والحلي والأسلحة والأدوات العلمية وغيرها.
أشهر المباني العثمانية المعمارية
يُعد مسجد السلطان سليمان في إسطنبول من أشهر المساجد العثمانية (1550م=957هـ)، يقوم في مركز متميِّز يطل منه على القرن الذهبي، وترتكز قبَّته الكبيرة على أربع دعائم مربعة، وله أربع مآذن، وتجدر الإشارة إلى المباني الملحقة، كالمدرسة وأجنحة سكن الطلاب والسوق والترب، وهناك مسجد السلطان أحمد (1609م=1018هـ)، له ستُّ مآذن تُضفي الجمال على المبنى، وقد اشتهر هذا المسجد باسم المسجد الأزرق نسبةً إلى البلاط الجداري التزييني في داخله.
وهناك القصور التي شُيِّدت مطلة على البوسفور مثل: قصر بيكلر بيك، وطولمه بغجة، وجراغان سراي، وقصر يلدز .. وغيره، التي تميَّزت بزخارفها الغنية التي تذكر المبالغة فيها بفن روكوكو الذي ازدهر في عددٍ من أقطار أوربَّا، ممَّا جعل بعض الباحثين يُعالج موضوع الروكوكو التركي.
وفي سورية عدد كبير من المباني المعمارية التي تعود إلى العصر العثماني، منها على سبيل المثال:
التكية السليمانية وجامع درويش باشا وجامع السنانية وجامع مراد باشا المشهور باسم جامع النقشبندي في حي السويقة بدمشق وغيره.
وفي سوريا عددٌ من القصور العثمانية الجميلة، من أهمها قصر العظم في دمشق وقصر العظم في حماة، وهناك مباني الخانات العثمانية التي من أهمها خان أسعد باشا العظم في دمشق وخان مراد باشا في معرَّة النعمان.
وهناك الحمامات التي كانت مصدر إلهام الفنَّانين الأوربِّيِّين مثل الفنان آنجر (1780-1867م= 1194-1284هـ)، الذي أبدع لوحته المشهورة (حمام تركي)، وهناك مباني المدارس كالمدرسة الصابونيَّة في حي باب الجابية في دمشق، ومباني الأسواق التي من أهمِّها سوق الحميديَّة في دمشق، ومباني الأضرحة مثل مبنى ضريح الشيخ محيي الدين بن عربي بدمشق، وهناك سبلان المياه في كلِّ مكان.
الفنون والزخرفة العثمانية
وازدهرت الفنون الجميلة ولاسيَّما فن الرسم والتصوير، والمنمنمات والرسم على الزجاج، وازدهرت معها الفنون التطبيقية العثمانية كالخزف الذي تمتع برعاية السلاطين العثمانيين، واستعمل البلاط الجداري التزييني بشكليه المربع أو المستطيل، وكانت اللوحات الخزفية الكبيرة مؤلَّفة من أربع بلاطات أو أكثر، وتمثل سطوحها الورود والأزهار الجميلة، وتبدو بألوان جذابة كالأزرق والأخضر المرجاني والباذنجاني والأحمر الأرجواني، وذلك فوق أرضية بيضاء جميلة، وأحيانًا لازوردية، وكانت هذه الألوان مغطَّاة بتزجيج شفَّاف.
ورأى بعض الباحثين أنَّ هذا الأسلوب الفنِّي يدين إلى عمال فنِّيِّين من بلاد فارس، جاء بهم السلطان سليم الأول (918-926هـ= 1512-1520م) في أثناء عودته إلى بلاده بعد استيلائه على مدينة تبريز عام (1514م=920هـ).
وتطوَّرت الزخرفة بأنواعها كما تطوَّر أسلوب تنفيذها حتى غدت روائع الخزف برعاية العثمانيِّين من أبرز الفنون التطبيقيَّة في العالم الإسلامي.
وكان أهمُّ مركز لإنتاج الخزف العثماني هو مدينة إزنيق (نيقيا البيزنطية)، التي اهتم صناعها الفنيون بإبداع الأواني الخزفية والبلاطات الجدارية التزيينية، وقد صُدَّرت هذه الروائع إلى الأسواق المحلية والعالمية التي كانت تتطلَّع إليها، وازدانت مباني المساجد والجوامع بروائع هذا البلاط الجداري التزييني والتجميلي.
صنف المختصون خزف إزنيق في ثلاث مجموعات كما يأتي:
- المجموعة الخزفية الأكثر قدمًا، تاريخها نحو (1490-1525م= 895-931هـ)، ظهرت زخارفها بلونين: الأزرق والأبيض، وكانت التزجيجات رقيقة ناعمة، واتَّبعت الأواني الخزفيَّة العثمانيَّة في أشكالها أشكال النماذج المعدنيَّة، وكان البلاط الجداري التزييني في بادئ الأمر فقيرًا محدود الأفق ومقتصرًا على اللونين الأزرق والأبيض، وهناك بعض نماذج منه في مسجد مراد الثاني في بورصة.
- المجموعة الخزفية المتوسطة، وهي الأكثر أهميَّة، بين عامي (1525-1535م= 931-942هـ)، تُوصف هذه الفترة الثانية عادةً باسم "الأسلوب الدمشقي"، وتتميَّز بتنوُّع ألوانها، وطغيان ظلال متعدِّدة من اللون الأزرق والأخضر، وأُضيف إليها اللون البني منذ عام (1540م=947هـ). وشكَّلت أزهار القرنفل وغيرها العناصر الرئيسة في الزخرفة.
- مجموعة الخزف المتأخرة العهد، بين منتصف القرن السادس عشر وبداية القرن الثامن عشر؛ إذ انتقلت الفعاليات الفنية الى مدينة كوتاهية التي تطوَّر فيها أسلوب فنِّي جديد عُرف باسمها، وتُعدُّ أواني إزنيق من أهمها وتُسمَّى رودسية، مع أنَّ (رودس) لم تكن مطلقًا مركزًا للصناعة الفنية، وتتميَّز المجموعة بأسلوبها الفني المستحدث كالرسم تحت التزجيج، وبتنويع أكبر في الألوان، وكان استعمال الطينة الأرمنية يُعطيها عند شيِّها لونًا أحمر براقًا كلون البندورة، وأصبحت أزهار الخزامى من المواضيع الفنية المفضلة، ويُلاحظ أنَّ صناعة الأواني كانت ثانوية قياسًا بصناعة البلاط الجداري التزييني، وتوجد أجمل نماذجه في مسجد رستم باشا (1550م=957هـ).
في منتصف القرن السابع عشر عانت هذه الصناعة الفنية وأوشكت على الانقراض، وفي نحو (1724م=1136هـ) جُمِّعَ بعضُ العمال الفنيِّين في إسطنبول، وأُسِّس مصنع في البقعة التي كان يقوم عليها قصر البلاكرناي قرب المكان الذي تلاقت فيه الأسوار البرِّيَّة في القرن الذهبي، وتُوبِع العمل الفني هناك وأُعيد إنتاج تصاميم خزف إزنيق، وفي القرن الثامن عشر أبدع العمال الفنيون روائع الخزف في كوتاهية، وكانت الألوان الأحمر والأسود والأزرق والأخضر والأصفر المضيء هي الألوان المفضلة، وأبدعوا البلاط الجداري التزييني ذا الموضوعات المسيحية، وتوجد نماذج منه في الكاتدرائية الأرمنية في القدس.
وهناك مجموعة من الخزف من القرن الثامن عشر والتاسع عشر تميَّزت بتصاميم تفيض حيويَّة، تُمثِّل المساجد والقوارب والأشجار وغيرها، واستُعمل كثيرٌ من الموضوعات النباتيَّة التي تُرى على روائع خزف إزنيق على الأقمشة الحريريَّة.
صناعة الأقمشة العثمانية
كانت بورصة مركز صناعة الأقمشة، وقد أبدع الصنَّاع الفنيُّون أجمل الحرير والأقمشة المخمليَّة للسلاطين العثمانيِّين، وكانت هذه الأقمشة الفاخرة لا تقل جمالًا وأهميَّةً عن مثيلاتها، التي كانت قد صنعت للأباطرة البيزنطيِّين منذ أدخل الإمبراطور البيزنطي جوستنيان الحرير إلى الغرب.
وكانت الأسواق تتطلَّب الحرير والأقمشة المقصَّبة الفاخرة لاستخدامها في عمل الستائر والأغطية والأزياء الفخمة، وكانت متطلِّبات القصر منها كبيرة، وكانت الألوان الأكثر شيوعًا بالنسبة إلى الأرضيَّة هي الأحمر والأزرق والأصفر مع تصاميم نباتيَّة جميلة باللون الأحمر والأزرق والذهبي وغيره، وكانت التصاميم المفضَّلة تتألَّف من تكرار شريطين وثلاث نقاط، وربَّما كان ذلك محاكاةً لجمال جلد الفهد وقد غدت ذات طابع تقليدي، وعلى الرغم من أنَّ الحرير والأقمشة المقصَّبة والمخمل وغيرها من الأقمشة العثمانية كانت فاخرة وممتازة، فإنَّها كانت أقل شهرة من السجاد والبُسُط التركيَّة في الأسواق الأوربِّيَّة.
السجَّاد العثماني والبُسُط التركيَّة
وإذا كان الحرير وقماش المخمل من إنتاج ورشات تعمل برعاية السلاطين العثمانيِّين، فإنَّ السجاد العثماني والبسط التركيَّة كانت تبدو صناعة ريفية تطوَّرت على نحوٍ مستقلٍّ في مناطق مختلفة من الأناضول، واتَّبعت في نماذجها الأولى المنتجات السلجوقية، وتضمَّنت رسومها تشكيلات حادَّة الزوايا ووحدات زخرفية مماثلة لها، ولكن سرعان ما بدأ ظهور الحيوانات والطيور الجميلة المنمَّقة في السجاد والبسط التركية، ويُمكن العثور على سجاد يُمثِّل حيوانات في لوحات فنية أوربية من القرن الخامس عشر وما بعده، وهذا السجاد تركي الصنع، وربَّما كان أقدم بساط عثماني حقيقي معروف هو بساط من طراز (أوشاق) يعود تاريخه الى عام (1584م=992هـ)، وفي القرن السابع عشر وما بعده أصبحت النماذج كثيرة؛ فتمايزت الطرز المحلِّيَّة وتنوَّعت، وأشهر هذه الطرز هي التي تُقرن باسم أوشاق، برغاما، غوردس، كولا، لاديك، كرصهر، وعلى الرغم من أن ما يُسمَّى عقدة غوردس كان يستخدم في كلِّ أنحاء تركيا، وما كان يُدعى السجادة التركيَّة تُصنع من الصوف والقطن، فإنَّ السجاد الفاخر المصنوع للبلاط السلطاني كان من الحرير أحيانًا.
فن الرسم العثماني
لفنون الرسم والتصوير والمنمنمات أهميَّتها الكبيرة في تاريخ الفنِّ العثماني، وإذا كان بعض السلاطين العثمانيِّين قد دعوا عددًا من الفنانين من إيران، فإنَّ الفنَّانين العثمانيِّين قد أبدعوا مجموعات كبيرة من الأعمال الفنِّيَّة بأسلوبٍ فنيٍّ عثماني في القرن الخامس عشر وما بعده، ويتميَّز بالقوة والواقعية، ويُمكن رؤية ذلك في الرسوم الإيضاحية الجذَّابة والمثيرة للإعجاب، التي تملأ ما يُسمَّى (ألبوم الفاتح) في مكتبة طوبكابي في إسطنبول، وقد عمل فنانان موهوبان في هذا المجلَّد، كان أحدهما هو أحمد موسى، وكان مسئولًا عن سلسلةٍ من المشاهد القرآنية ذات الأصالة والإقدام على حسن تصوير ملامح الرسول صلى الله عليه وسلم، والآخر هو محمد صياح كالم الذي رسم بعض الأشكال اللافتة للنظر لرجال وحيوانات، وذلك بأسلوب يدين إلى الصين بالكثير، ولكنَّه يتميَّز بكونه شخصيًّا في جوهره، وتُمثِّل أعماله بعض أكثر الأعمال كمالًا وإتقانًا في فنِّ الرسم الإسلامي.
وفيما بعد يُشاهد تراث هذه الأساليب الفنِّيَّة في الرسوم الممتعة الموضَّحة لحوادث معيَّنة والموجودة فيما يُسمَّى حياة السلاطين "هونر ناما" أو كتاب الأعياد "سور ناما"؛ حيث تظهر مشاهد يوميَّة بأسلوب ساذج ولكنه بالغ التعبير، وفي أحد كتب "سورناما مراد الثالث" صُوِّرت المهن المختلفة في استعراض أمام السلطان في ميدان السباق في إسطنبول.
وفي كتابٍ آخر من القرن الثامن عشر الميلادي تظهر راقصات وكوميديون أمام السلطان أحمد الثالث (1703-1730م= 1115-1143هـ).
وفي كتبٍ أخرى تظهر مشاهد معارك وعروض ألعاب نارية وفنون الرياضة المختلفة، وهذا الفن ذو الطابع التركي الجوهري بعيد عن فن الأحلام الفارسي الجذاب، إنَّه فن رجولي، حافل بالحيوية والنشاط، وليس فيه للحب والعواطف سوى دور صغير، ويعود إليه فضل التعريف بما يجري في القصور.
وتجدر الإشارة إلى فن الرسم على الزجاج الذي كان من أعلامه في سورية الرسام الشعبي أبو صبحي التيناوي.
المنمنمات التركيَّة المهمَّة التي تفخر بها المتاحف
الزخارف التركية:
تميَّزت الزخارف التركية بالغنى، وبلغت حدًّا يُذكر المشاهد بطرازي الباروك Baroque والروكوكو Rococo في بعض أقطار أوربَّا، وتُعدُّ الرسوم الزخرفية التركيَّة الغنيَّة التي تُزيِّن بعض غرف جناح الحريم ومجموعة من البيوت الخشبية القديمة على ضفاف البوسفور من الأعمال الفنِّيَّة المهمَّة.
فن الخط:
اعتمد الفنَّانون العثمانيُّون على فنِّ الخط العربي بعد أن اكتشفوا طاقاته الجماليَّة، فأبدعوا أجمل اللوحات الخطِّيَّة، وارتقى خطُّ الثُّلُث في العصر العثماني وبلغ درجة الكمال وقمَّة الجمال، وصارت له قواعده الفنِّيَّة، وثَمَّة كتب لا تُحصى لتعليم فنِّ الخط وقواعده.
وابتكر الخطَّاطون العثمانيُّون أنواعًا جديدة من الخطوط الكتابيَّة العربيَّة، مثل: الخط الديواني، والفارسي، والرقعي، بالإضافة إلى إشارات التنقيط والشكل والفواصل بين الآيات الكريمة وعلامات الأحزاب وأجزاء القرآن الكريم، وقد وُضِعت كلُّ هذه العلامات بالذهب والألوان الجميلة، وراح الخطَّاطون العثمانيُّون يعنون بالخطِّ وبتسطير الصفحات قبل كتابتها، وجعلوا لكلِّ صفحةٍ إطارًا مُذهَّبًا جميلًا.
ويتميَّز إطار الصفحتين الأولى والثانية عادةً بثرائه الزخرفي المنمَّق والملوَّن والمذهَّب، وكذلك عناوين السور الكريمة والكتب المختلفة، وكان الخطَّاطون يتبارون في التجويد والإتقان وتحسين الخط حتى غدت المخطوطات العربيَّة والإسلاميَّة ذات قيمة كبيرة لمادَّتها العلميَّة ونفاسة الورق وحسن الخط وإتقان التجليد، ونشأت صناعات متمِّمة للعمل في المخطوطات، وظهر فنَّانون تطبيقيُّون وصنَّاع فنِّيُّون؛ كالورَّاق والخطَّاط والمجلِّد والناسخ والرسَّام الذي كان يعني بزخرفة المخطوط، أو الذي كان يُوضِّح الأبحاث العلميَّة بصوره التوضيحيَّة، وزُيِّنت القصص والروايات بأجمل المشاهد الفنِّيَّة التي تفيض حيويَّةً وجمالًا، وكان الأستاذ الخطَّاط يمنح تلميذه إجازةً أو شهادةً تُؤكِّد جدارته وكفاءته في فنون الخط.
وهناك الأوامر السلطانيَّة باللغة التركيَّة والخطِّ الديواني الجميل، تعلوها طغراء السلطان الجميلة التكوين (وكان العامَّة يُسمُّونها: الطرَّة).
المصنوعات الخشبية العثمانية:
استخدم الصُّنَّاع الفنِّيُّون خشب الجوز وغيره في إبداع مصنوعاتهم الخشبيَّة المتميِّزة بالفائدة والجمال، مثل:
- كرسي المصحف من الخشب المخرم والمنزل بالصدف والعظم.
- الأثاث الخشبي المـُنَزَّل بالصدف النهري والبحري والعظم والعاج.
- كرسي الولادة والتوليد.
- القباقيب العاديَّة والمرتفعة (الشبراوية).
- السرير الخشبي للأطفال.
المصنوعات المعدنية العثمانية:
تابع النحَّاسون إنتاج أجمل المصنوعات المعدنيَّة، مثل:
- الثُّريَّات النحاسيَّة الجميلة بتكويناتها الزخرفية المخرَّمة والمزيَّنة بالخرزات الجميلة الألوان.
- الأوعية المختلفة كالمناسف والأباريق والصحون والطاسات والشمعدانات.
- مطارق الأبواب المؤلَّفة من حلقات أو شكل قبضة يد تمسك كرة.
- صناديق الحديد لحفظ الأموال والمجوهرات.
- عدة الخيل كالركابات وغيرها.
- الحلي الذهبية والفضية العثمانية: العقود والأطواق والأساور والخواتم والمشابك والخلاخيل والعصبات.
- أدوات الزينة العثمانية: المكحلة والمرود والمقص والمشط والمرايا وغيرها.
- الأسلحة البيضاء العثمانية: الدرع والسيف والخوذة والخنجر.
المصنوعات الجلدية العثمانية:
الحقائب والأحذية والأحزمة.
من الصناعات الشعبية الريفية العثمانية:
ظهرت في الأرياف العثمانيَّة فنون شعبيَّة جميلة تعتمد على توافر المواد الأوَّليَّة، مثل القش الذي صنعوا منه أجمل الأطباق الجميلة بتكويناتها الهندسيَّة وألوانها المنسجمة، ممَّا جعلها هدايا يحرص السائحون على اقتنائها، ليعودوا بها إلى بلادهم كأجمل ذكرى لرحلتهم إلى الشرق لتأخذ مكانها في تجميل جدران قصورهم ودورهم.
فن المينا:
اهتمَّ الصناع الفنِّيُّون بتجميل سطح الأواني المعدنيَّة بالمينا الجميلة الألوان والزخارف لتلبية متطلبات المجتمع الجماليَّة.
_____________________
المصدر: الموسوعة العربية العالمية، المجلد الثاني عشر، ص902.
مراجع للاستزادة:
- ارنست كونل، الفن الإسلامي، ترجمة أحمد موسى (دار صادر - بيروت، 1966م).
- دافيد تالبوت رايس، الفن الإسلامي، ترجمة: منير صلاحي الأصبحي (مطبعة جامعة دمشق، 1397هـ/1977م).
- G.MARCAIS, L’Art de l’islam (Librairie Larousse Paris 1946).
- G.MANDEL SUGANA, Les Grands de tous les temps, Mahomet (1965).
التعليقات
إرسال تعليقك