ملخص المقال
مع تعمق الأزمة الاقتصادية العالمية تزداد الأصوات المطالبة بتطبيق النموذج المالي الإسلامي قوة.مع تعمق الأزمة الاقتصادية العالمية تزداد الأصوات المطالبة بتطبيق النموذج المالي الإسلامي قوة، وأخر هذه الأصوات انطلق من جلسات المنتدى الاقتصادي الإسلامي في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث دعا المشاركون إلى اعتماد نظام التمويل الإسلامي لإخراج اقتصاد العالم من أزمته الراهنة التي لم تستجب حتى الآن لأي من الإجراءات العلاجية. وطرح الفقهاء والخبراء الحل الإسلامي البديل لتجاوز الأزمة المالية العالمية، من قواعد وضع قواعد جديدة للعبة الاقتصادية، قواعد تمنع الربا وتجيز الربح، وتفسح المجال لعلميات تستند إلى أصول عينية بدل الديون المالية، وقواعد تضبط نشاط البورصات وترفض البيوع القصيرة الخالية من الضمانات. من جانبه قال الدكتور منذر قحف ـ الأستاذ في كلية الدراسات الإسلامية في مؤسسة قطر للثقافة والعلوم والخبير في التمويل الإسلامي ـ خلال حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" على فضائية الجزيرة الثلاثاء 3/3/2009 أن هناك الكثير من القضايا يمكن أن يهديها النظام المصرفي الإسلامي للنظام المالي العالمي المعاصر، وهي قضايا ممكنة التطبيق، مثل عدم تداول الديون، وكذلك القيام على مبدأ المشاركة؛ لأن البنوك الإسلامية تقوم على مبدأ المشاركة حيث أن المودعين يشتركون مع أصحاب البنك في نتائج عمل البنك، وبالتالي تكون وسادة يمكن أن يتكأ عليها البنك في حالة ضعف الإنتاج المصرفي من جهة العوائد، والنقطة الثالثة هي ربط التمويل بالواقع الفعلي، فالتمويل الإسلامي قائم على سلع حقيقية في سوق السلع والخدمات. وأضاف أن المشكلة في الأزمة المالية العالمية الحالية مزدوجة لأن التراكم الذي حصل في الديون، ثم المضاربات، خلق قيم مالية بحته لا علاقة لها بحقيقة السوق، وهي في النهاية قيم غير حقيقة، مثل تداول المؤشرات، والمشتقات المالية، والمشتقات التأمينية، وهذا كله أدى إلى تراكم هذه الأزمة المالية العالمية وتفاقمها. وأشار إلى أنه يريد إصلاح النظام وليس استبدال النظام القائم بالنظام الإسلامي، لأنه النظام الحالي به عناصر مهمة؛ وهو أنه نظام يعتمد على السوق وقدرة الناس على الإنتاج وعلى العمل الحر، وهذا لابد منه على جميع الأحوال، فالذي نريده هو إصلاح اقتصادي مع إعادة صياغة الأسواق المالية. وأوضح أن أهم عناصر نجاح البنوك الإسلامية هو أنها لم تتعامل بالديون، إلا من خلال إنشاء للديون ثم سدادها، بمعني أنها لم تتداول الديون، والبنوك الإسلامية لم تقبل أن تمول معاملات وهمية بمعني المضاربات على معاملات لا حقيقية لها مثل عقود المؤشرات، والنقطة الثالثة أن المعاني الأخلاقية في تطبيق البنوك، والتمويل الإسلامي موضوعي بمعني أنه يوجد ممنوعات لا تقترب منها، ويوجد وسائل يجب أن تتخذها. ومن جانبه قال الدكتور نبيل حشاد ـ الخبير المالي السابق في صندوق النقد الدولي ـ إن الأزمة بدأت بوادرها في عام 2001 عندما توسعت المؤسسات المالية في الإقراض خاصة في الإقراض العقاري، وكان يوجد ضعف من الرقابة، وإضافة إلى استخدام المشتقات المالية التي يتم من خلالها تسديد الديون لأكثر من مؤسسة مالية، وإضافة إلى العولمة المالية، وتشابك المؤسسات المالية مع بعضها البعض. وأضاف أنه عندما ظهرت هذه الأزمة استخذت الدول المتقدمة إجراءات تهدف لتوفير السيولة في المجتمع من خلال خفض سعر الفائدة، والتي وصلت إلى ما يقرب من الصفر، وكل هذا أدى إلى التأثير على الدول الناشئة ومنها بالطبع الدول العربية والإسلامية. وأشار إلى أنه عند تقييم تؤثر المؤسسات المالية بالأزمة نجد أن المؤسسات والمصارف الإسلامية كانت أقل المؤسسات تأثرا بالأزمة، ويرجع ذلك إلى طبيعة عمل البنوك الإسلامية التي لا تدخل في أعمال مصرفية ذات مخاطر عالية، ولكن تأثرت بدرجة أقل. وأكد على أن تبني نظام مصرفي ومالي إسلامي بالنسبة للدول الأوروبية سيكون فيه نوع من الصعوبة، وإن كان بعض المصارف الإسلامية التي فتحت لها أفرع في بعض تلك الدول ولاقت استحسان وقبول من تلك الدول، وهذه المؤسسات المالية الإسلامية لاقت رواجا في العشر سنوات الماضية، وكان معدل النمو الخاص بها من 17 إلى 20 %، وهذا معدل غير مسبوق. وعبر عن أمله أن يمتد هذا النظام المصرفي الإسلامي، قائلا أنه من المتوقع في 2013 أن تصل الأصول في المؤسسات المالية الإسلامية إلى ما يزيد على تريليون دولار.وقال إن ما يؤخذ على البنوك الإسلامية أمرين، الأول أنه مازال يوجد بعض الاختلاف بين المجالس الشرعية في البنوك الإسلامية وبعضها البعض، فما يوافق عليه مجلس قد يرفضه الأخر وهذا يعمل نوع من الخلط لدى الناس، والأمر الثاني أنه يوجد توسع كبير في المصارف الإسلامية والمشكلة أن خبراء الشريعة المسئولين في البنوك عددهم قليل، وبالتالي نجدهم في أكثر من بنك، وهذا يتعارض مع مبدأ هام جدا من "الحوكمة" وهو "تعارض المصالح"، ولذا نحن نحتاج إلى فقهاء أكثر ملمين بالعلوم الاقتصادية الحديثة لتطوير المصارف الإسلامية وهذا من أهم التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية في المرحلة المقبلة.
التعليقات
إرسال تعليقك