جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
د.مغاوري شحاتة: العالم العربي يتعرض لمخاطر مائية كبيرة
وماذا عن الكيان الصهيوني ودوره في هذه المشكلة؟
بالتأكيد الكيان الصهيوني له دور كبير فيما يحدث من جانب إثيوبيا ومحرض أساسي لها، وهذا له أسبابه التاريخية أيضا فالكيان يريد الحصول علي مياه النيل بأي ثمن وهذا حلمه منذ احتلاله لفلسطين وجاء السادات ليجدد هذا الحلم عندما أعلن انه في حال انسحاب إسرائيل من سيناء يمكن توصيل مياه النيل إليها ولكن بعد رحيل السادات مصر رفضت ذلك ثم جاءت اتفاقية عنتيبي، التي رفضت ذلك أيضا حيث تضمنت بندا يمنع توصيل المياه خارج دول الحوض لم يعد أمام الكيان الصهيوني سوي الوصول إلى دول مؤثرة مثل إثيوبيا والتغلل إلى منابع النيل من خلالها ودعم سد النهضة، إما كمقدمة للضغط للحصول علي المياه أو لعقاب مصر علي رفضها توصيل المياه إليه.ما هي أشكال الدعم التي يقدمها الكيان الصهيوني لسد النهضة الإثيوبي؟
هذا يتمثل في الدعم الفني وتقديم الخبرات وكذلك الطواقم الفنية من مهندسين وفنيين، وذلك مقابل مادي من ناحية حيث تشغيل عمالة وكوادر إسرائيلية أو الحصول علي نسبة من عائد الكهرباء والطاقة فضلا عن التأثير علي القرار الإثيوبي تجاه مصر واستمرارا لورقة الضغط علي مصر.وما الذي علي إثيوبيا أن تفعله إذا أرادت أن تحل الأزمة؟
عليها أن تعود إلى التصميم القديم للسد والذي يستهلك 14 ونصف مليار متر مكعب فقط من المياه، أما التصميم الحالي فيستهلك 75 مليار متر مكعب وتعتمد علي سدود أخرى صغيرة في أماكن مختلفة وعلي مراحل أيضا لابد من عرض التصميم الفني لسد النهضة علي لجنة فنية محايدة وتلافي هذه العيوب في التنفيذ.برأيك من المسئول عن هذه الأزمة التي وضعت فيها مصر هل نظام مبارك أم نظام مرسي أم النظام الحالي ؟
بالتأكيد يتحمل الجزء الأكبر من هذه الأزمة نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث بدأت الأزمة منذ عام 1991م من خلال المفاوضات التي دارت حول مبادرة"دول حوض النيل"وكانت تدور حول الاستفادة من نسبة الفاقد ولكن إثيوبيا قفزت فوق هذه المبادرة وحققت مناها بعقد اتفاقية عنتيبي مع عدد من دول حوض النيل وقتها متجاهلة مصر والسودان ووضعت البلدين أمام الأمر الواقع وكان الهدف من اتفاقية عنتيبي أن تكون بديلا لاتفاقية توزيع المياه الموقعة عام 1920م.وما هو التغير النوعي والتطور الذي الحق الضرر بمصر خلال عهد مبارك؟
يعتبر عام 2008م وفي عهد وزير الري محمود أبو زيد التاريخ الذي شهد تغير نوعي في الأزمة عندما وافق أبو زيد وقتها علي إنشاء إثيوبيا لسدود لها وللأسف تجرعنا هذا الأمر دون أن ندري، وهو ما بنت عليه إثيوبيا خطتها لاحقا بخصوص سد النهضة بعد أن انتزعت الموافقة المصرية ، ويعد ما حدث نوعا من التفاوض غير المدرك لأهمية ما يفاوض عليه أو ما وافق عليه ولم تكتف إثيوبيا بذلك بل تمردت أكثر عقب ثورة يناير، ففي أبريل عام 2011م قامت بوضع حجر الأساس لسد النهضة وبالنسبة لعهد مرسي ما يمكن أن يؤخذ عليه ما جري في المؤتمر الصحفي الشهير الذي كان مذاعا علي الهواء وما حمله من تهديد مباشر ربما يكون ساهم في تعقيد الأزمة أكثر.وماذا عن النظام الحالي؟
لم يكن يوجد في عقل الحكومة السابقة وربما الحالية أي برنامج لحل هذه الأزمة، حيث كان هناك اقتراحات كثيرة من قبيل وجود استثمارات كبيرة بإثيوبيا وإفريقيا، وكذلك استغلال المواصفات غير الفنية لسد النهضة واللعب علي ذلك دوليا ولكن هذا لم يتم.المصدر: نوافذ .. موقع الإسلام اليوم
- الكيان الصهيوني يلعب دورا كبيرا في تهديد الأمن المائي العربي سواء بدعمه لأثيوبيا أو بسرقته المياه العربية.
- هناك مخازن مياه عربية جوفية كبيرة يمكن استغلالها لحل أزمة مياه الأنهار.
أكد خبير المياه المعروف د. مغاوري شحاتة على أن العالم العربي مهدد بشكل كبير في أمنه المائي، وأنه دخل بالفعل في حرب مياه مع دول الجوار، مدللا على ذلك بما يحدث مع مصر من جانب أثيوبيا، وكذلك ما يقوم به الكيان الصهيوني من سرقة المياه الجوفية بالضفة وغزة والجولان وأيضا مياه نهر الليطاني والوزاني بلبنان، والمضايقات التي تتعرض لها كل من العراق وسوريا من جانب تركيا من آن لآخر
وطالب د.مغاوري في حواره مع " الإسلام اليوم" بضرورة اتخاذ الدول العربية مواقف حاسمة وقوية تجاه هذه الأخطار التي تتعرض لها، سواء بالمساندة للدول التي تتعرض لخطر مباشر وتهديد لأمنها المائي، كما هو الحال في أزمة مصر واثيوبيا وكذلك تهديد هذه الدول بسحب استثماراتها والضغط عليها اقتصاديا ومواجهة الكيان الصهيوني ومخططاته المستمرة بحرمان الضفة وغزة من مياههم الجوفية وتصعيد ذلك الي المؤسات الدولية
وطرح مغاوري حلولا لهذه الأزمة تتمثل في استغلال المياه الجوفية المتواجدة بالعالم العربي مشيرا في هذا الصدد إلي مستودع " الحجر الجوفي النوبي المشترك بين مصر والسودان وليبيا وغيرها من المستودعات الأخرى في دول آسيا العربية، كما هو الحال بالمنطقة المشتركة بين السعودية والعراق وقطر والإمارات.
وإلى تفاصيل الحوار:
بداية ما مدي الأخطار التي تهدد الأمن المائي العربي ؟
طبعا هناك تهديدات ومخاطر كبيرة علي العالم العربي في هذا الجانب تتمثل فيما تقوم به إثيوبيا الآن تجاه مصر والتعنت الشديد في التوصل إلي حلول بشان سد النهضة، ومحاولة إفقار مصر مائيا بل وربما الأمور تطول السودان أيضا هناك، ما يقوم به الكيان الصهيوني أيضا تجاه نهر الليطاني والحصباني والوزاني في لبنان، وكذلك المياه الجوفية بالضفة الغربية وسرقتها ومنع حفر أي آبار بغزة، وهناك أيضا بعض المخاطر التي تتعرض لها كل من العراق وسوريا من جانب تركيا.
وهل من إمكانية لمواجهة هذه الأخطار؟
هناك عددا من الحلول من بينها إنشاء مشروعات مائية مشتركة، خاصة المياه الجوفية حيث توجد أحواض من المياه الجوفية العربية، فهناك مثلا مستودع "الحجر الرملي النوبي بين مصر والسودان وليبيا، أيضا هناك حوض مياه جوفي بالدمام ومنطقة الرادومة بين السعودية والعراق وقطر والإمارات، وهناك أيضا أحواض أخرى باليمن.
وهل المياه الجوفية كافية لحل أزمة المياه العربية وتغني عن مياه الأنهار؟
بالتأكيد لان العالم الآن يتجه إلي المياه الجوفية التي تمثل 2 وسبعة من عشرة من جملة مياه العالم البالغة 3 في المائة من جملة المياه المستخدمة في العالم.
هل معني ما أشرت إليه أن العالم العربي في حرب مياه مع دول الجوار؟
هذا صحيح إلي حد كبير وهذا واضح بشكل لا تخطئه العين، سواء ما تفعله إثيوبيا مع مصر أو ما يمارسه الكيان الصهيوني مع الضفة وغزة ولبنان وهضبة الجولان السورية وحتى العراق وسوريا تتعرض من آن لآخر لتهديد تركي في هذا السياق.
وماذا عن إمكانية مواجهة هذه الدول من جانب العالم العربي ؟
بالنسبة لازمة مصر مع إثيوبيا لابد أن يكون هناك دعم عربي لمصر في المحافل الدولية وكذلك الضغط علي إثيوبيا بشكل أو بآخر سواء من خلال وجود استثمارات عربية، وتهديد إثيوبيا بسحبها وغيرها من الضغوط الأخرى، وكذلك الحال بالنسبة لإسرائيل خاصة الوضع في جنوب لبنان لأن هناك تهديد إسرائيلي دائم باستخدام القوة تجاه هذا الملف، كما أناشد تركيا مراجعة أي موقف يؤذي الدول العربية بشكل أو بآخر خاصة أن هناك كلام حول تحريض تركي لإثيوبيا ضد النظام الحالي في مصر.
إذا انتقلنا إلى الأزمة المصرية الإثيوبية حول سد النهضة كيف تري هذه الأزمة؟
هذه أزمة مفتعلة من جانب إثيوبيا، لأسباب منها أنها بحاجة إلى المياه وهذا ليس صحيحا؛ لأن إثيوبيا لديها 12 حوضا من المياه التي يتدفق منها 72 مليار متر مكعب باتجاه مصر والسودان، أما بالنسبة للكهرباء فهي بالفعل بحاجة إلى الطاقة ولكن يمكن أن تحصل عليها من مجموعة سدود أخرى صغيرة متفرقة وليس من سد كبير مثل سد النهضة حيث تخطط للحصول علي 15 جيجا أي 15الف ميجاوات نصفها تقريبا من سد النهضة، وهذا معدل كبير يحتاج إلى كميات مياه كبيرة الأمر الذي يؤثر بالسلب علي كمية المياه المتدفقة إلى مصر.
ولماذا هذا التعنت من وجهة نظرك؟
هذا التعنت فيه ابتزاز سياسي من جانب إثيوبيا خاصة إذا علمنا أن المياه أصبحت سلعة إستراتيجية وبمثابة أمن قومي لمصر تحديدا، وإثيوبيا تحاول هذا الأمر بشكل سياسي سواء إثيوبيا بمفردها أو من وراءها من دول أحرى.
هل معني هذا أن هناك دول تحرك إثيوبيا في هذا الاتجاه؟
بالتأكيد وهذا مثبت تاريخيا، وتحديدا من جانب أمريكا، ففي الستينيات والخمسينميات حاولت أمريكا ترد علي الاتحاد السوفيتي بدعمه لبناء السد العالي فاتجهت إلى إثيوبيا لبناء عدد من السدود، هناك لتقليل كمية المياه إلى مصر في حينه.
التعليقات
إرسال تعليقك