التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
يعرض المقال رؤية موجزة عن مراحل التعليم في المغرب والأندلس، كافية لبيان النضج الحضاري في المغرب الإسلامي في القرون الأولى في ميدان التعليم وتأثره
يبدأ التعليم الأوَّلي من الخامسة أو السادسة إلى الثالثة عشر أو الرابعة عشر وهو مرحلة إعداد الطالب وإمداده بالضروريِّ من علوم الإسلام.
ويتم في الكُتَّاب أو في البيت، ويركز فيه المؤدِّبون على تلقين التلميذ وتحفيظه للقرآن الكريم وبعض الأحكام الضروريَّة مع قليلٍ من الشعر واللغة وبعض التفسير والنحو على اعتبار أن المعارف المستهدفة في الفترة المذكورة تحتاج إلى الحفظ والاستيعاب..
مع الإشارة إلى اختلاف الأسلوب المغربي عن نظيره الأندلسي من جهة اقتصار المغاربة في هذه المرحلة على القرآن وحده، مع التأكيد على أنَّ ضبط القرآن يتم من خلاله ضبط قواعد الرسم ومسائله واختلاف الرواة فيه والقراءة والخط.
وهو المنهج الذي استمر في التأديب إلى أيام بني مرين حيث سيعتمد المغاربة حينها الطريقة الأندلسية.
أمَّا بالنسبة إلى التعليم التخصُّصي، فيتم فيه تخصُّص الطالب في نوعٍ معيَّنٍ من المعارف التي يهواها، أو نزولًا عند تقليدٍ جارٍ في أسرته، ويبدأ بملازمته لحلقات الشيوخ المميَّزين في تخصُّصه؛ فيقوم أوَّلًا بتلقِّي مبادئ العلوم وحفظ المدوَّنات الأمَّهات والمذاكرة فيها مع أقرانه، ثم تأتي مرحلة الرحلة التي كانت عاملًا حاسمًا في نموِّ شخصيَّة الطالب من الاستيعاب والوعي إلى التبليغ والأداء.
وقد غلبت كتب المشارقة على مناهج التدريس التخصُّصي في القرون الثلاثة الأولى؛ ثم بدأت تختفي شيئًا فشيئًا من ضعف الرحلة وتبلور المدرسة المغربيَّة التي تختلف عن المدرسة المشرقيَّة في بعض الاصطلاحات والقواعد المتعلقة بالفقه والكلام والسلوك.
وإذا كان عصر الجمع والرواية عرف تنوُّعًا وحركيَّة في المتون المقرَّرة في مختلف ميادين الفكر الإسلامي واتِّجاهًا نحو دراسة الأصول والأمَّهات في جميع العلوم والمعارف، فإن نهاية القرن الخامس الهجري ستعرف استقرارًا لبعض المتون وهيمنتها على الدروس العلميَّة بالمغرب والأندلس؛ فاقتصر التعليم على مجموعةٍ من الكتب يدور العقل في فلكها..
حتى وصلنا إلى مرحلةٍ نجد الأجداد والأحفاد يدرسون في المقرر نفسه، بحجَّة سهولته أو جمعه، ولكسب الوقت؛ لأنَّ جيل ما بعد القرن الرابع لم يعد يطيق صبرًا على التحصيل، وكان يريد تخطِّي المراحل بأسرع وقت، فعُدَّ ذلك من أهمِّ أسباب ظهور المختصرات.
وختامًا نقول: إنَّ هذا المنهج الذي اعتمده المغاربة في التربية والتعليم، كان فعَّالًا ومبرَّرًا طوال قرنين من الزَّمان؛ لأنَّه أثبت فاعليَّته وأسهم في تحقيق النهضة الأولى للفكر الإسلامي بالمغرب، لكنَّه مع استهلال القرن الرَّابع الهجري بدأت مبرِّرات الاعتماد عليه تتلاشى، وفقد بريقه؛ بل أصبح من عوائق تجديد الفكر الإسلامي، ومن عوامل تكريس التَّقليد، لهذا اهتمَّ رجال الإصلاح في القرنين الخامس والسَّادس بمسألة التعليم وأَوْلوها أهمِّيَّةً بالغة، بحيث نادرًا ما تجد أحدهم أهملها؛ مثل: ابن حزم، وابن العربي، وابن العريف، وابن تومرت.
_________________
المصدر: معالم التفكير الإسلامي في المغرب والأندلس، إعداد يوسف بنلمهدي، تقديم محمد القاضي،
إصدارات المجلة العربية، الرياض؛ المملكة العربية السعودية. نقلًا عن: موقع المعرفة الأندلسية.
التعليقات
إرسال تعليقك