جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
صواريخ جنوب لبنان في خدمة إيران مقال بقلم خالد مصطفى، يبين أهداف حزب الله من إطلاق صواريخ على إسرائيل في هذا التوقيت.. فما أهداف حزب الله؟ وما تداعيات ذلك
جاء الإعلان عن توجيه صواريخ من جنوب لبنان إلى الكيان الصهيوني بعد سنوات طويلة من الصمت ليثير العديد من التساؤلات خصوصًا حول التوقيت؛ حيث إن ما يسمى بـ"المقاومة" التي يتزعمها حزب الله في الجنوب انصاعت تمامًا لوقف إطلاق النار مع "إسرائيل"، ولم تطلق رصاصة واحدة تجاهها حتى في أحلك الظروف التي مر بها الفلسطينيون عندما تعرضوا لحرب إبادة في غزة، ووقف نصر الله ومسلحوه يشاهدون المجزرة شأنهم شأن بقية الأنظمة العربية التي يدينونها ويتهمونها بـ "العمالة". ثم تذكَّر حزب الله فجأة وجود الكيان الصهيوني المحتل عندما تعرضت "ولية نعمته" إيران للضغط، وأوشكت أن تفقد أكبر حلفائها في المنطقة وهو النظام السوري..
تزايد الضغط الدولي على إيران بشدة بعد العقوبات الأخيرة التي فرضت حصارًا ماليًّا على طهران، وهو ما استفز النظام الإيراني وجعله يطرد السفير البريطاني، ويحرض على اقتحام السفارة البريطانية وبعثرة ملفاتها, في نفس الوقت أوحت إلى عملائها في لبنان لإشعال الأوضاع وفتح جبهة للحرب مع الكيان الصهيوني؛ لصرف الاهتمام عنها. أما التضحية بالبقية الباقية من البنى التحتية للبنان، وقتل مئات اللبنانيين، وهدم عشرات المباني وخسارة عدة مليارت - فأمرٌ هيِّن، وكله فداء "الأم الحنون" إيران وملاليها، الذين يتباهى نصر الله كل يوم بولائه لهم، وربط مصير لبنان بمصيرهم في تبجح منقطع النظير..
لبنان تعيش أوضاعًا صعبة بسبب رفض حزب الله للمحاكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، حيث تم توجيه اتهامات لعدد من عناصر حزب الله بالوقوف وراءها إلا أنه رفض تسليمهم، وأكد تحديه للمحكمة ورفض تنفيذ تعهد سابق للحكومة اللبنانية بتمويلها، وهو ما ينذر بسقوط الحكومة الحالية والرجوع مرة أخرى لحالة الفراغ السياسي التي شهدتها البلاد عقب استقالة حكومة سعد الحريري، التي كان حزب الله يعارضها بشدة.
في ظل هذه الأوضاع المتوترة تأتي صواريخ الجنوب لتصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا في بلد لم تهدأ فيها الاضطرابات منذ منتصف السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، وظل يدفع طوال السنوات الماضية ضريبة عدم امتلاك قراره الذي كان يدور دومًا ما بين سوريا التي تعاني بشدة من اضطرابات قد تؤدي لانهيار نظامها الحاكم، وبين إيران التي تريد أن تلعب دورًا يتجاوز حجمها في المنطقة على حساب دول الجوار واستقرارها..
لعبة حزب الله مكشوفة بشدة هذه المرة، فلقد توقعتُ أنا وغيري أن يتم عمل مثل هذا لصرف الانتباه عن سوريا وإيران، أما أن تخرج ما تسمى بكتيبة "عبد الله عزام" لتعلن مسئوليتها عن إطلاق الصواريخ فهي حيلة بادية السذاجة؛ لأن الجنوب تحت سيطرة كاملة لحزب الله، وإذا حدث وتمكنت تنظيمات ما من العمل المسلح فلن يتأتى ذلك إلا من خلال موافقة حزب الله، وإلاَّ لماذا لم تقم هذه التنظيمات بأي أعمال مسلحة ضد الكيان الصهيوني طوال الفترة الماضية؟! وما هو الجديد على الساحة اللبنانية أو الفلسطينية الذي استدعى ذلك في هذا التوقيت؟!
إن ضربة صهيونية الآن للبنان ستؤدي إلى رجوع حزب الله إلى الواجهة في صورة "المقاوم"، وعندها تختفي ولو مؤقتًا المطالبة بنزع سلاحه، كما أن توجيه ضربة محتملة ضد سوريا أو إيران ستكون أكثر استبعادًا، وسيمنح ذلك النظام الإيراني والسوري فرصة لترتيب أوراقهما، ومحاولة فرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي..
ليست هذه المرة الأولى التي يورط فيها حزب الله لبنان في حرب لخدمة مصالح غيره، ولكن هذه المرة قد لا تمر كما مرت المرات السابقة؛ فالأوضاع في المنطقة تشهد تغيرات حادة، كما أن المعارضين لحزب الله في لبنان يزدادون قوة وغضبًا، وإذا كان النظام السوري قد عمل على كبح جماحهم من قبل، فسوريا الآن تحتاج لمن يقف بجانبها، وهو ما يمكن قراءته في تصريحاتهم المستعرة ضد نظام بشار الأسد وضد حزب الله..
فهل يغامر حزب الله بحرب أهلية من أجل عيون سوريا وإيران؟ وهل سيقف الغرب موقف المتفرج حينها؟ وهل من الممكن أن تجتاح "إسرائيل" لبنان كما حدث من قبل بحجة وقف إطلاق الصواريخ؟ كل هذه أسئلة تحتاج إلى أن توضع في الاعتبار عند النظر في قضية الصواريخ المنطلقة من جنوب لبنان تجاه الكيان الصهيوني في هذا التوقيت.
المصدر: موقع المسلم.
روابط ذات صلة:
- الدمار للبنان والشهرة لحزب الله
- بئست المقاومة وبئس المقاومون !
- إلى متى يظل لبنان رهينة حزب الله ؟
التعليقات
إرسال تعليقك