التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يستطيع كتم شيء في باطنه، قد يكون هذا منبثقًا من قوته، فهو جريء لا يخشى شيئًا، وقد يكون منبثقًا من صدق إيمانه.
لا يستطيع عمر كتم شيء في باطنه، قد يكون هذا منبثقًا من قوته، فهو جريء لا يخشى شيئًا، وقد يكون منبثقًا من صدق إيمانه فيرى أن كتم شيء يكون من علامات النفاق، وهو صادق صريح يُبْرِز كلَّ مشاعره بأمانة.
كشف مشاعر الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ»[1].
الرسول صلى الله عليه وسلم يصرُّ على هذه الدرجة من الحبِّ لأن الأمر عقدي له تطبيقات في الحياة؛ فتقديم حب النفس على حب الرسول صلى الله عليه وسلم سيدفع في بعض المواقف إلى إرضاء النفس ولو حساب الشريعة.
لذا روى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»[2].
ارتقى عمر بن الخطاب بحبِّه للرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة أعلى من مجرد التطبيق الشرعي لما يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد صار يحب ما يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان من الأمور الفطرية وليس الشرعية:
فرح عمر بإسلام العباس:
قال العباس في فتح مكة: ".. فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَمْكَنَ اللهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ، فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجَرْتُهُ ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذْتُ بِرَأسِهِ، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ لَا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ دُونِي، فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ فِي شَأنِهِ قُلْتُ: مَهْلا يَا عُمَرُ، أَمَا وَاللهِ لَوْ كَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْتُ هَذَا، وَلَكِنَّكَ عَرَفْتَ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَالَ: مَهْلا يَا عَبَّاسُ، فَوَاللهِ لَإِسِلامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ، كَانَ أَحَبَّ إِلَى مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ، وَمَا بِي إِلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلامَكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ[3].
هذه الصراحة كانت تدفعه إلى ابداء رأيه المغاير أحيانًا لرأي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا، فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ، قَالَ: «إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي، فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ»[4].
رأى عمر أن الذين سألوا لا يستحقِّون، أو على الأقل هناك من هم أولى منهم، فقال رأيه، وعلم بعدها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اتَّقى فحش هؤلاء الغلاظ بالمال والعطاء، وإلا كانوا اتَّهموه بالبخل، وفي هذا ضرر على الدعوة[5].
[1] البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (6257)
[2] البخاري: كتاب الإيمان، حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان (15).
[3] الطبراني في المعجم الكبير (7280).
[4] مسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء من يسأل بفحش وغلظة (1056).
[5] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: صراحة عمر رضي الله عنه
التعليقات
إرسال تعليقك